الوسواس القهري أكثر
الأمراض المنتشرة بين عوام المسلمين وعوام النصارى واليهود بل هو مرض مميّز لأصحاب
الأديان السماوية
وأكثر ما يكون انتشارا
بين المسلمين فإنّ أكثر من 56% من المسلمين مصابون بهذا المرض ويصل في بعض البلدان
العربيّة ل 70 %.
وهذا راجع للتعاليم
الإسلامية الصارمة وخصوصا في ما يتعلّق بالطهارة والصلاة ... فقد نبّه كثير من
علمائنا المتقدّمين على هذه الحيثية كالإمام الغزالي في الإحياء ونبّه لضرورة
التخفيف على الناس في المذهب الشافعي والأخذ ببعض فقه مالك في الطهارة .
أمّا الهستيريا فهي أكثر الأمراض
انتشارا بين أهل العلم ... ولا تكاد تجد عالما غير مصاب بشيء من الهستيريا ...
فما الفرق بين الوسواس
القهري والهستيريا ...؟؟
الوسواس القهري هو فعل
الأمر مرّات كثيرة مع معرفتك أنّك تقوم بفعل خطأ .. وتدرك هذا تماما ... يعني أنت
عندما تتوضأ خمس مرّات تعلم يقينا أنّك قد توضّأت الوضوء الأوّل على وفق الشروط
والأركان وجئتَ بالوضوء على التمام إلاّ أنّك لا تدري ما هذا الشيء الذي يدفعك
للوضوء مرّة أخرى مع أنّ عقلك يعلم يقينا أنّ هذا تضييع للوقت ولا فائدة منه ...
كحال شرب الدخّان ...
فعلماء النفس يصنّفونه في باب الوسوسة القهرية وله دافع عقلي وجسدي ... وكحال
العادة السرّية عند كثير من شبابنا .. فإنّه يعلم يقينا أنّه خطأ إلاّ أنّه يفعله
مرّات ومرّات ... ولا يعلم ما هذا الدافع الذي يجبره على العبث بنفسه ..
وللأسف ... كثير من
عباداتنا تصنّف في باب الوسوسة القهرية ... كالصلاة مثلا ... فكثير من الناس يصلّي
رغما عنه ولا يقدر على النوم من دون صلاة ... وهذه حاجة نفسيّة مرضية .. وليست
حاجة نفسية عقلية دينية ....
فمقصوده من الصلاة أن
يرتاح قلبه من هذه الوسوسة القهرية التي تشتعل في قلبه ... صلّ صلّ صلّ ... فلا
يخطر بباله ولو لحظة أنّه يصلّي لله أو أنّه بهذا يحمد الله على نعمه أو يقوم
بالصلاة خوفا من عقابه إنّما هو يصلّي هذه الصلاة لأجل التخلّص من ذلك الألم
النفسي المرهق ...وهذه دقيقة لمن تفكّر بها .. وليست من عندي بل ذكرها الأطبّاء في
كتبهم .
أمّا الهستيريا فهي عين
الوسوسة تماما إلاّ أنّ هناك فارقا مهمّا وهو معيار صعب ... ولهذا نجد أنّ غالبية
الأطبّاء يجعلون الوسواس القهري والهستيريا مرضا واحدا ولا يفرّقون بينهما ...
إلاّ أنّ الصحيح ما ذكره
كبار علماء النفس أنّ الوسواس القهري لا يتعلّق بالعقل بينما الهستيريا لها تعلق
بالعقل ... فإنّ المهستر لا يدري أصلا أنّه مهستر .. بينما نجد مريض الوسواس يعلم
يقينا أنّه مريض وأنّ فعله غلط .
فجلوسك في نفس المكان
وسواس قهري ومشاهدتك للأفلام الإباحية وسواس قهري وغالبية الذنوب والمعاصي لسيت
غير وسوسة قهرية ...
ولهذا نقول لمن أدمن بعض
المعاصي عليك بزيارة طبيب نفسي ...!! فهو الأقدر على علاجك من شيخ تقي...!!
فالمهستر لا يعلم أنّه
يقوم بالشيء على خلاف ما يقتضيه ذلك الشيء ... ولو نبّه لهذا عارض قولك و سفّه
نصيحتك ... فإنّك إن وجدت عالما لا يقدر على ترك الكتاب من يده ويعلم يقينا أنّه
مصيب بهذا الفعل .. فاعلم أنّه مهستر ... ولو قال لك أعلم يقينا أنّ هذا خطأ
ولكنّي لا أقدر على دفعه وردّه فهو مصاب بالوسوسة القهريّة .
الوسواس القهري
والهستيريا يعالجان سلوكيا فقط ... لأنّه لحدّ هذا اليوم لا يُعلم سبب هذه الأمراض
على المستوى التجريبي ... وهذه الأدوية المصنّفة تحت باب المخدّرات ما هي إلاّ
لتخفيف تأثيرات هذه الوسوسة على الجهاز العصبي فقط .
المقصود :
غالبية معاصي شبابنا
وبناتنا أمراض نفسيّة بالدرجة الأولى ... وكثير من عباداتنا تصنّف تحت باب الوسواس
القهري ... فيجب أداء العبادة طاعة لله وليس تخلّصا من ألم نفسي يجبرك على هذه
العبادة .. وفرق دقيق بين الأمرين ... والله أعلم .
.png)