تعالوا نحلل أسباب انتشار الزنى بين شبابنا وبناتنا ...
كتب الفيلسوف والرياضي الشهير رسّل سيرة حياته في جزئين وذكر في الجزء الأوّل من كتابه أنّه تزوّج من إحدى الفتيات ذوات الحسب والنسب وبعد سنتين لم يعد يشتهيها جنسيا فأراد تطليقها لكنّها رفضت وضغط عليه أخوها الذي كان له نفوذ قوي في مجلس العموم ... وصار يزني رسّل بزوجة صديقه ...وعلم صديقه بهذا ولم يحرّك ساكنا ... وصار يزني الرجل بزوجة رسّل وعلم رسّل وقال : ولم أغضب منها لأنّني أخونها أيضا ...
وقد يعتقد بعضهم أنّ هذه العلاقات الجنسية غير الشرعية التي مارسها رسّل مجرّد نزوات لرجل لا يغار على عرضه ... لكن رسّل كتب كتابا طويلا عريضا في الحياة الجنسية للإنسان... وطُرد على أثر هذا الكتاب من الجامعات الأمريكية بتهمة نشر الرذيلة وملخص كتابه أنّ الغيرة على الشرف والعرض وهم وخيال موروث من الإنسان الأوّل البدائي .. وأنّ هذه العلاقات مجرّد متع جسدية لا ينبغي ردع شبابنا وبناتنا عن ممارستها ... ولا حقيقية لكون الزواج مانعا من ممارسة الزنى لأنّ الرجل لم يمتلك جسد المرأة وروحها بمجرّد عقد الزواج ...
وهذه الأفكار الإلحادية والشيطانية انتشرت في أمريكا وبريطانيا انتشار النار في الهشيم ... وخصوصا بعد غياب الكتب الإسلامية والمسيحية التي تعالج القضايا الجنسية معالجة جادّة ... فالمسيحيون يفرضون طوقا حديديا على الجنس وأحكامه ... ويفصلون فصلا تاما بين الروح والجسد ... فلا الجسد يصل إلى الله ولا الروح تصل إلى شهوتها الفطرية فيعيش المسيحي بانفصال عظيم بين روحه وجسده وتنمو العقدة الجنسية نتيجة هذا الحرمان .. ولهذا لا تتعجّب إذا عرفت أنّ 70% من قساوسة روما يمارسون الرذيلة وأن اغلبية البابوات ماتوا بأمراض جنسية .. وأنّ البابا الحالي كان يعمل قوّادا قبل أن يصير البابا كما ذكر عن نفسه ... حيث كان يعمل حارسا على ملهى ليلي قبل أن يتوب الله عليه ...!!
يروي لنا روسّو في سيرته كيف هرب من بيت والده واتّجه إلى باريس فتعرّف على صديق لا مثيل له... فحسب وصف روسّو لم أر مثيلا له في حياتي ... فقد كان ذكيا وعالما وشهما وكريما وجميلا وشجاعا وقد قدّم الرعاية والحنان لي ... فكان صديقا واخا وأمّا وأبا ...!!
ثمّ يصدمنا روسّو قائلا :
وقد عملت في منزل السفير الفرنسي .. وقد أعدّ لي مكتبا وراتبا على أن أدرّس أبناءه الموسيقى والثقافة ... فتركت هذا العمل ورجعت للنوم في الطرقات لأجل مرافقة صديقي ...!! فقد أجد عملا بسهولة .. لكن من أين سأجد صديقا آخر بنفس مواصفات صديقي ورفيقي النادرة ...!!
وكانت هناك فتاة شهوانية تعيش قرب باريس فإذا رأت شابا جميلا أسكنته في بيتها وصرفت عليه من مالها للحصول على شهوتها ...وقد سمعت عن روسّو من السفير ودعته للعيش معها ..
فيقول روسّو : وكان صديقي أجمل منّي ... وبالتأكيد أكثر علما وثقافة منّي .. هذا فضلا عن خفّة دمه ...وطلاقة لسانه ... فخشيت إن رأته تلك الفتاة أن يصير منافسا لي على قلبها ... فماذا فعل روسّو مع صديق عمره ..؟؟
ببساطة تركه نائما في الطريق وهرب ...!! فشعر صديقه الوفي بهروبه ... فناداه قائلا :
يا روسّو قد أحببتك أكثر من نفسي وصرفت عليك كلّ مالي ولم يبق معي ثمن رغيف خبز ... وأنت خائن .. لكنّي أتمنّى لك عيشة هنيّة لأنّي أحبّك بصدق ولست خائنا مثلك ...!!
فيقول روسّو : أكتب لك هذه الحادثة بعد أكثر من ثلاثين سنة ... وما زلت أتذكر دموع صديقي الذي خنته وتخلّيت عنه لأجل شهوتي ... ولم أره بعد ذلك .. وقد بكيت كثيرا عليه ...!! فهل أنا حقير إلى هذه الدرجة ..!!
وبعد سنتين ... يرجع روسّو للنوم في الطرقات بعد أن استغلته كثير من النساء لقضاء شهوتهنّ ... فيقول : وقد طردت كما يطرد الكلب من كلّ بيت عشت فيه لأجل شهوتي ... فيا ليتني بقيت مع صديقي ورجعنا إلى باريس وعملنا معا بصدق وشرف في صناعة الساعات والنحت واحتفظت بجسدي طاهرا ...!!
ويروي العقاد في ساعات بين الكتب أنّ أفكار أوربا قامت على أفكار روسّو .. وأنّ كتاب روسو الاعترافات والمتنزهأانشأت جيلا أوربيا متحررا ... وإنّي أتساءل : أين كان علماء المسيحية والإسلام حين كان ينشر روسّو أفكاره الشيطانية في أوربا ...!!
يخبرنا نيتشه في زرادشت أنّه لم يعد يثق بأحد من الناس ... وعلى الخصوص جنس النساء ... وذكر مرّات كثيرة بأنّه لا ينبغي للرجل أن يضاجع امرأة إلاّ قهرا وجبرا ولو بالسوط والعصا ...
يقول ول ديورانت في قصور الفلسفة : كره نيتشه النساء لأنّ امرأة خطفته وهو صغير وزنت به رغما عنه ... وضربته بالسوط حتّى أدمت ظهره... ولمّا تعافى نيتشه من هذه الصدمة وضاجعته فتاة جميلة سويسرية انزاحت عقدة النساء عن قلبه لكن صدم مرّة أخرى ...وكانت هذه الصدمة هي القاضية التي لم يفق بعدها ...فقد اكتشف أنّ أخته وهي من أقرب الناس لقلبه كانت تخونه مع أعزّ أصدقائه وهو الموسيقار الشهير فاغنر ...!! وهجرته أخته بعد هذا لأجل علاقاتها المتعّّددة دون رضا نيتشه ... فاعتزل الرجل الناس حتّى فقد عقله ومات مجنونا مشلولا ...
ويفاجئنا بعض الكتّاب الأوربّيين برسائل نيشته الخاصة يعترف بها أنّه كان يشتهي ممارسة الجنس مع أخته التي أحبّت فاغنر ... ولكنّها رفضت وهربت من البيت ...!!
وهذا نيشته والد ألمانيا وإيطاليا كما يوصف ...!!
يخبرنا أنيس منصور في كتابه في صالون العقاد كانت لنا أيّام أنّ عباس العقاد كان يمارس الجنس في بعض الأيّام مع فتاة جاهلة وعامية ... وكان يخلي البيت كلّ يوم أربعاء حتّى من الخدم ...وكنت أخفي هذا الخبر عن الناس ...فقد كنت أتستر على زنا العقاد ...
وبعد موته بساعات ... جاءتني هذه الفتاة ومعها وثيقة زواج من العقاد وعليها شهود ... فقد كان العقاد متزوجا بالسرّ ... فطردها أبناء أخيه من البيت ومنعوها من حضور الدفن ... فصعدت على البيت ورمت بنفسها من على البناية فسالت دماؤها على درج بيت العقاد وفارقت الحياة قبل إخراج جسد العقاد من البيت ...
ويكمل أنيس منصور قائلا :
ولمّا سألتُ عامر العقاد عن سبب انتحارها ... قال :
سمعتها تصيح : لا أريد الحياة بعدك يا عباس ... يا حبيبي ...سألحق بك إلى القبر ... كيف سأعيش الدنيا دون زوجي عبّاس ... ودفنت قبل دفن العقاد بساعات ...
ويكمل أنيس منصور قائلا : واستدعتني الشرطة لمعرفة سبب موتها فذكرت لهم القصة ورجوتهم أن لا يشرّحوها وأن لا يعلنوا الخبر لأستر على العقّاد ...
و لو شئت أن أذكر مئات القصص عن سيرة العلماء الذاتية في الجنس لذكرتها ... لكن ما أريد قوله هو التالي :
عندما خجلنا نحن أبناء الثقافة الإسلامية الصحيحة من فتح باب الجنس أمام شبابنا وبناتنا ورفضنا طرحه في مناهجنا وجامعاتنا استطاعت فئة الملاحدة من الدخول من هذا الباب إلى عقول شبابنا وبناتنا ... وجعلوا أوربا مدينة إباحية كبيرة .. بفضل تعاليم رسّل وروسّو ونيتشه
فسير الحياة لعلماء أوربا سيرة حقيقية وواقيعة تقرأها فتسفيد منها خبرات وحيوات جديدة ... لأنّ أمامك قصصا مليئة بالفشل والإهانة والكرامة والنجاح والسرور والحزن ...
فهل يقدر عالم مسلم أن يقول كما قال رسّل : لم أكن أجرؤ على الخروج من البيت خوفا من أبناء الجيران ... فقد كانوا يضربونني دوما ... فقد كنت جبانا وخوّافا .... ولهذا بقيت في البيت لا أتحرّك ولجأت إلى القراءة بدل الخروج من البيت والتعرض للضرب والإهانة من أبناء الجيران ...
اسمع مثلا ماذا يقول في سيرته في نهاية الجزء الأوّل :
وكنت أخون زوجتي مع إحدى الفتيات الفاتنات .. فقد التقيتها صدفة ... وأحببتها ... وزنيت بها مرّات كثيرة ... لكنّها صارت تمنعني من جماعها ولا أعرف السبب ..!!
وبقيت لأكثر من شهر وهي تتمنّع منّي ...!! ولم أعرف السبب حتّى أخبرني أحد زملائي أنّ رائحة فمي مثل الجيفة ...!!
فقد كان فمي قد امتلأ بالدمامل ولم أشعر بها ...!! وذهبت إلى الطبيب وعالجت فمي ورجعت إلى حبيبتي ... فقلت لها : لماذا لم تخبريني أنّ رائحة فمي مثل الجيفة ..؟؟ قالت : خشيت أن أجرح مشاعرك ...!!
هذا الإثم العظيم الذي يحيكه رسّل بأسلوب أدبي شيّق يجعل القارئ يعيش الحدث لحظة بلحظة ... ومن دهاء رسّل أنّه يضمّن هذا العهر والفجور أخلاقا رفيعة كما ذكر عن حبيبته ...
يقول في الجزء الثاني من السيرة :
ولمّا وقفت أمام ملك انجلترا لنيل الوسام البريطاني قال لي الملك :
أنت يا رسّل فاجر وحقير وسافل .. وقد جعلت بريطانيا العظمى مرتعا للفجور ... حتّى شكلك مستفزّ ...!!
فقلت له : تعلّمنا هذا من أخيك الفاجر السافل ...!! فما أنا إلاّ كساعي بريد يدقّ الباب ولا يدخل ...!!
انظروا كيف يضعون حياتهم بين يديك بكلّ ما فيها ... فترى حياة دافقة تعيش أحداثها وتتأثّر بها رغما عنك .. لأنّها حياة حقيقية غير مصطنعة مع أنها فاجرة وسافلة لكنّها خير من قراءة سيرة كاذبة ومزوّرة كسيرة بعض علمائنا ... فلا يستفيد منها القارئ غير زيادة الفجوة بين جيلين كبيرين ...
فعندما تقرأ كتاب العقاد في سيرته الذاتية وهو كتاب - أنا - تشعر أنّك أمام ملاك طاهر ليس في حياته غير الطهر والكبرياء والرجولة والحماسة ...
وعندما تقرأ كتاب سيرتي لعبد الرحمن بدوي تشعر أنّك أمام قدّيس عظيم لا توجد في حياته زلّة أو غلطة .. والمصيبة أنّه أعاد كتاب سيرة حياته مرّة أخرى في موسوعته الفلسفيّة وما بقي إلاّ أن يقول : أنا ملاك نازل من السماء ...!!
فبالله ... أيّ خبرة سيستفيد منها القارئ من كتب حقيرة كهذه ...!! حقيرة لأنّها كاذبة ومصطنعة وترفع صاحبها فوق المثالية المعقولة من البشر ... ولهذا نجد الشباب يميلون إلى قراءة سيرة وليم جيمس لأنّها أصدق من سيرة العقاد والزيات ...
وكذا إذا قرأت كتاب الأيّام لطه حسين وذكريات الطنطاوي الثمانية وهي كتب ضخمة جدّا .. قليلة الفائدة.. لأنك تقرأ لملاك طاهر لا توجد في حياته هفوة أو غلطة ...
افتح كتاب القيود لعبّاس العقّاد واسمعه حين يروي لك ما رآه في السجن حين سجنه الملك فؤاد الأوّل ... فقد ذكر أمورا تقشعر لها الأبدان ... وتجعلك تعيش أحداث ذلك الكتاب لحظة بلحظة ... فتضحك وتحزن وتبكي وتبتسم ... وتخرج من قراءة الكتاب وانت ممتلئ حكمة وعلما .. لأنها أحداث حقيقية غير مزورة مثل كتابه الأخير الذي يحكي سيرته ...
قارئي الكريم :
قد ذكرت لك شيئا ممّا ذكره رسّل في حياته و روسّو ونيتشه وديورانت والعقاد وأنيس منصور وفاغنر وبدوي وطنطاوي .. وعرفت الفرق بين حياة حقيقية وحياة مكذوبة ومصطنعة ...
فالشباب المسلم بحاجة إلى وعي حقيقي بالحياة ... وأن تفتح له جميع أبواب الحياة الثقافية والجنسية وغيرها ن أبواب الحياة الضرورية ... بإطار إسلامي حقيقي ... لأنّ علماءنا للأسف الشديد لم يظهروا لهؤلاء أي خبرات وتجارب تجعلهم يشعرون أنّ لهم هدفا وغاية من هذه الحياة ...
فانظر كيف كان الكفار والملاحدة يذكرون أمام الناس أوقات ضعفهم ويروون لهم هفواتهم ...وبعد هذا يحلّلون هذه الأخطاء تحليلا نفسيا وفلسفيا فيكون لها تأثير عظيم في حياتهم ...
وهذا الحال عينه في العائلات العربية والإسلامية ... لا يريد أن يفهم الأهل أنّ بنتهم مشتهيَة من الشباب وأنّ هناك شهوة جنسية تنهش لحمها وعظمها ...وأنّها لا تعرف شيئا عن الجنس وغايته ... وأغلب الفتيات لا يعرفن الفرق بين الزواج العرفي والزواج المعلن .. لا أقصد الناحية الشرعية .. بل الناحية الأخلاقية والحياتية ... من جلس مع ابنته وتحدّث معها عن الحياة الزوجية الصحيحة ...؟؟ وأخبرها عن حيل ذئاب الطرقات ...؟؟ كم كتابا يوجد في السوق يعالج القضايا الجنسية للشباب والبنات المسلم ببارعة وحرفية كما يفعل ملاحدة أوربا ...!!
هل هناك كتاب جنسي لمسلم يوازي حرفية كتاب مدام سيمون دي بفوار في الجنس والآخر ...!! للأسف لا يوجد ...!!
والغريب أن نجد أحد المحدّثين يهتمّ بهذا الجانب ... بعد أن أهمله الفلاسفة العرب.. خذ مثلا سيرة السيّد أحمد بن الصديق الغماري وانظر إليه وهو يحدّثنا عن سيرة حياته بكل جرأة وبعد هذا يؤسّس لقيم أخلاقية إسلامية راقية فيقول مثلا في جؤنة العطار :
وذهبت إلى كذ وكذا .... من الزوايا الصوفية فوجدتهم يمارسون الرذيلة ...!! ثمّ يبيّن سبب هذا الفعل ويعالجه إسلاميا ...ويعيد هذا الكلام في كتابه الاختراعات الحديثة ويتحدّث عن المغرب العربي بكلّ جرأة ويحاول علاجها ويشعر بأحداث المستقبل لتي حدثت منا توقّعها بالحرف ...!!
ولمّا قرأ الكوثري هذا الكلام الشديد شنّع عليه واتّهمه ببعض التهم التي لا ينبغي أن تخرج من فم مسلم بله شيخا للإسلام كالكوثري ... وزاد الزمزمي الطين بلّة وذكر أشياء عن أخيه لا ينبغي طعن مسلم بها ... وهذا كلّه بسبب شدّة الرجل وقوّته في الحق الذي يعتقده ...
إنّ أمّتنا العربية الإسلامية تعيش مصائب ومضائق شديدة في جميع المناحي الأخلاقية والصناعية والحضارية ولكنّنا للأسف نضع رأسنا في الرمال ونخدع أنفسنا بأنّنا ما زلنا نفاخر الحضارة الصناعية الأوربية بالحضارة الأخلاقية التي نملكها وهي للأسف دجل وكذب ... وإذا لم نقدر على إحياء وعي أمّتنا بقضايا شبابها وبناتها التي إن لم نسرع إلى معالجتها... فسيكون بلاء من تحته بلاء ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله.