امرأة رفيعة الذوق و رجل رفيع الذوق ، ورجل قليل الذوق وامرأة كذلك قليلة الذوق ،
المرأة رفيعة الذوق لا تحفّظ وتغيّر لطفلها أمام زوجها أو أمام الضيوف ، بل تأخذ طفلها لغرفة خالية من أيّ أحد وتنظّف لابنها وتلبسه أجمل الثياب ، ثمّ تأتي به لزوجها وتضعه في حضنه ، نظيفا طاهرا كأنّه قطعة شهد من العسل ،
أمّا المرأة عكس الأولى ، تنظّف لابنها أمام زوجها ، وبين أبنائها ، ووسط الضيوف ، وقد لا تنظّفه أصلا لساعات ، وهذا غلط منفّر للزوج منها ومن طفلها ، ويورث الوسوسة وخصوصا إذا كان زوجها يحافظ على طهارة بدنه وثوبه ، فلينتبه لهذا ،
والزوج رفيع الذوق ، إن تصايح مع زوجته تركها وخرج من البيت ، تاركا البيت لها ، فأين ستذهب هذه المسكينة إن طردها الزوج من بيته ، فيمكن له تدبير نفسه بخلاف زوجته ، فيخرج من البيت فور بدء المشكلة خشية اتّساعها ، فيخرج من البيت ليعود إليه بعد ساعات ، قدانطفأت نيران الشقاق ، وخرج الشيطان من البيت ، ودخلته الملائكة ،فتراجع المرأة نفسها ، وتحسبها صح بعد ثورة غضبها ،
أمّا الرجل عكس الأوّل، فيجلس لزوجته على أربع في وسط البيت ، يردّ عليها الكلمة بعشر كلمات ، وربّما أردفها بخمس لكمات متتاليات ، وقد يطردها من بيته في نصف الليل ، فهذا سوء فهم للعلاقات الزوجيّة ، وعقله أصغر من عقل نملة ، ولا يعرف إدارة مشاكله ، فهذا أمره عصيب ، وأمره خطير ،
المرأة رفيعة الذوق تحترم زوجها وأقرباء زوجها ، ويتضاعف هذا الاحترام مرّات كثيرة بحضور الغرباء والأقرباء ، وليس هذا بنفاق ، بل سياسة حكيمة ، فاحترام أهل الزوج من احترام الزوج ، ولا تنشر أسرار بيتها أمام أمّها أبدا، ولا تعرف حماتها شيئا من مشاكلها ، فالمرأة رفيعة الذوق تعرف أنّ خروج المشاكل من باب بيتها إيذان لها بخرابه فوق رأسها ،
والمرأة عكس الأولى ، تنشر أسرارها وتفضح زوجها أمام الذاهب والغادي ، فغرفة النوم والشارع واحد عندها ، من غير فرق ، فتبدأ حفلة الشكوى كلّما قعدت مع حماتها ، أو أمّها أو أختها ، يكفي دخول أحد بيتها لتبدأ حفلة الشكاوى ، ويا خراب البيت الذي تتنازعه الحماوات ، فاقرأ عليه السّلام ثلاثا ،
و الرجل رفيع الذوق ، يضع زوجته فوق رأسه أمام أهلها وأهله ، فكرامتها من كرامته ، فستر عيبها ستر لعيبه ، فعيبها هوعيبه ،يحمي حماه بحماية حماها ، ويستر عنها ألسنة السوء ، فما يحدث في البيت يبقى في البيت ، فرجولته تامّة ،وفحولته كاملة ، بخلاف الزوج الثاني وهو :
الزوج الناقص المعيب بكلّ عيب ، بل الزوّج الأسوأ من الزوج الناقص هو الزوج الممثّل ، الذي يتعمّد استنقاص كرامة زوجته في كلّ مجلس ، وعند كلّ محفل ، وما كرامتها إلاّ من كرامته ، وما استنقص من كرامتها شيئا إلاّ بمقدار ما استنقص من كرامته بمقدار ما نقص من كرامتها، فلا أتفه ولا أحقر ولا أخسّ من زوج يُهين زوجته عمدا أمام أهله ليثبت فحولته ورجولته ، يعاملها عمدا باحتقار وبإذلال أمام أقاربه ، ليثبت لهم أنّه تيس كبير ، فلا خير في هذا الحمار ، والطلاق أحسن من اللبث مع هذه الدابّة البشريّة ،
والزوجة رفيعة الذوق ، لا تحرم زوجها ممّا يُحب ويشتهي ، ولو كانت على نفسها تجور ، ولرغبتها في نفور ، فلا مفرّ من الاستجابة لأوامر الزوج ولو كان على خلاف رغبتها ، فهذا من الصبر عليه ، ولك الأجر عند الله ، فتترك الدلال الزائد ، ولا تغلّب زوجها بتحصيل رغباته ، فهو يستأهل الإجابة ، فهو زوجها ، وله عليها الحقّ كلّه ،
والعكس من تلك الزوجة التي تجعل لنفسها سورا عاليا قد بنته ورفعته بجهلها ، وبينها وبين رغبات زوجها سيف مسلول ، بحجّة العرف و الدين و التعفّف ، ولا والله تدري من أمور دينها وزوجها ما تدريه دابّة مربوطة أمام بيتها ، فلا تدري هذه الهبلة أنّ هناك أمورا لا ينبغي الجدال فيها أصلا ، غير ما خالف الدين ، وغير هذا فحمق ظاهر بائن ،وتكفي الإشارة لتفهم المقصود ،
أمّا الزوج رفيع الذوق ، فلا يذهب بعقله كلّ مذهب ، لا يلوي على شيء ، ولا يشبعه شيء ، لو أوقدت زوجته أصابعها العشرة ما رضي عنها ، طفل يطلب اللبن ولمّا يفطم بعد ، فلا مندوحة من مراعاة الأعراف الجارية ، والأحوال العامّة بكلّ شؤونه ، فلا يطلب ولا يزيد من زوجته فوق ما لا يقتضيه العرف ، في كلّ شيء ، وهذا يبيّن عكس صفات هذا في الزوج قليل الذوق ، فيجبر زوجته على أكل ما يأكل ، وشرب ما يشرب ، وعشق ما يعشق، وكره ما يكره ،وإرادة ما يريد ، فهذا جهل بأحوال النفوس ، وما جبلت عليه من اختلاف الطباع ، أو تعدّد الأذواق،
وبالجملة ، من غير تطويل وتفصيل أوشرح وبسط ، كن لزوجتك كالأب المشفق على وليدته وطفلته ، وكوني لزوجك كالأمّ الحنون على طفلها اليتيم ، وإيّاكم وقسوة الرأس ، فينهدم البيت ، ويضيع الولد ، وتعمّ الفضائح ، فالكرامة بين الزوجين معكوسة ، أي منقوصة ، فيأخذ لها من كرامته ويضع ، وهي تضع من كرامتها وتأخذ ، وهكذا يسير البيت بأمان ولا يغرق ، ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله ،
و ها أنا قد أطلعتك على الدرهم و الدينار من الوجهين فاختر لنفسك الوجه الذي يسرّك .