لهذا فالطلاق و إن اعتبِر أحيانا مخرجا من أوضاع سلبية التي لا يمكن معها استمرار الحياة الزوجية، إلّا أنه يبقى
”أبغض الحلال إلى اللّه...“. فالطلاق مشكلة تصيب الكيان الأسري الذي هو اللبنة الأساسية في التكوين االجتماعي. وغنيّ عن القول أن استقرار المجتمع هو في مدى استقرار وسالمة الأسرة فيه.
فالأسرة هي خط الحصانة والوقاية والدفاع الأول لدى الأفراد. وعلى قوتها و تماسكها يقوم المجتمع و يتربى و ينضج أفراده. أما إذا أصاب الخلل تكوين الأسرة و قدرتها على أداء و ظائفها فإن ذلك نذير بوجود خلل في التماسك الاجتماعي، يكون مدخلا لمزيد من الإنحرافات و المشكلات الفردية و الجماعية.
و الأطفال هم أكثر أعضاء الأسرة تأثرا بالطلاق و بالمشاحنات والصراعات الأسرية عموما. وتشير
العديد من الدراسات إلى أن نسبة عالية من الأطفال الذين ينشؤون في أسر مفككة )الأبوان فيها
مطلقان( يكونون غير قادرين على الحفاظ على حياتهم الزوجية وعادة ما تنتهي علاقاتهم الزوجية بالطلاق أيضا في المستقبل، هذا إن وصلوا الى سن الزواج أصلا، فنسبة %75 من الأطفال الذين يفقدون أمّهاتهم بسبب الطلاق أو الوفاة دون سنّ 7 سنوات يموتون ، ولا ينجو منهم غير 25 % فقط ، مع ملاحظة العناية الفائقة التي تقدّمها لهم دور الرعاية في أوربا ، في حين لا ينجو من هؤلاء في بلادنا غير 10 % فقط ، وهذه النسبة المرتفعة من الوفيات بسبب فقدان الطفل لرائحة جسد أمّه ، ولصدرها ، ولدفئ وحنان الأمومة ، وهذا بسبب الكيمياء شديدة التعقيد بين الأمّ وولدها ، والتي لا يمكن تعويضها أبدا ،
أمّا فقدان الطفل لأبيه دون سنّ البلوغ ، فأكثر من 75% من هؤلاء الأطفال يصابون بفقدان الهويّة ، واضطراب الشخصيّة ، والتوحّد مع الذات ، والخوف من المجتمع ، وفقدان القدوة والموجّه ، ممّا يجعل شخصيّته كالعجينة لا تثبت ولا تستقرّ طول عمره ،
بالمختصر ، من يطلّق زوجته ويشتّت أبناءه بسبب عقله الصغير وأحقاده وجهله ، فقد قتل أبناءه وهم أحياء ، الأب والأمّ إذا توفيا فهذا أمر الله ، ولله في خلقه شؤون ، لكن من يطلّق لغير سبب اضطراري فهذا مجرم كبير ، وبعض المذاهب تحرّم هذا الطلاق ، وتلحق الإثم الكبير بهذا المطلّق ، فليس الطلاق لعبة بيد هؤلاء السفهاء الجهّال ،فلو عرف الضرر الذي يلحق بأبنائه بسبب كلمته اليسيرة تلك ما طلّق أبدا ،
فاتّقوا الله في أبنائكم ، فنسبة الطلاق في الدول العربيّة تُنذر بوقوع كارثة حقيقية في المجتمع ، كلّ من الزوج والزوجة رأس لوحده ، ألاّ لعن الله الكبر والجنون ، ألاّ لعن الله الكبر والجنون، ألاّ لعن الله الكبر والجنون.