كتبت هذا المقال لشرح الوسوسة من الناحية النفسيّة والدينيّة وعرضنا حلولا كثيرة... لعل الناس تنتفع بهذا !!
فاعلم يا أيّها الموسوس ...
أنّ الله ورسوله غاضبان عليك ...فأنت يا سيّدي تغضب الله بتلك الأفعال الجنونية التي تشغل بها وقتك ... فهل تعتقد أنّ الله أرسل هذا الدين لكي يجنّن الناس كما تفعل حضرتك ..؟؟
هل تعتقد أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يرضى عن هذه الصورة السيّئة التي تلبسها للإسلام ...؟؟!! هذا الجنون الذي تفعله هو دين جديد أتيت به حضرتك ولم يأت به محمّد رسول الله ...!!
أين طلب منك الله ورسوله أن تقعد ساعة في الحمّام تعبث بقضيبك أو بدبرك ..؟؟؟
ألا تعلم أنّ العبث بتلك المناطق منهي عنه أصلا ...؟؟ بله أنّه يورث البواسير والالتهابات والأمراض النفسيّة التي تسوّد عليك عيشتك ...!!
تخيّل أحد الموسوسين وقد دخل حمّام بيتك وقعد ساعة وهو يعبث بنفسه ... فما هي الصورة التي صنعها فعله في ذهنك ... إمّا أنّه مجنون أو دينه دين عبث ولعب ...!! أنت تنقل صورة سيئّة جدّا عن الإسلام ....
قمتُ بالوضوء مرّة في الشارع الرئيسي للكلّية عمدا ... وتجمّع حولي مجموعة من الزملاء والطلاب ... فلمّا أنهيت الوضوء ...قالوا :
ما رأينا هذا الوضوء في آبائنا الأوّلين ..؟؟؟ فنحن نفرغ نصف الخزّان على الوضوء بله غسل الجنابة..؟؟
قلت :
أنتم تغضبون الله تعالى بهذه الوسوسات ولا ترضونه ...!!
يقول الإمام الغزالي في الإحياء : أعرف الفقيه من غيره بسرعة خروجه من الحمّام ...!! ويقول ابن الجوزي في التلبيس : كان السلف إذا رأوا رجلا أطال المكوث في الحمّام رفعوا اسمه من ديوان الفقهاء ...!!
كان لي زميل درس معي قبل فترة ... وهو دنيء النفس جدّا ... ويأخذ العلامات باللفّ والدوران ... ومن فوق الطاولة ومن تحت الطاولة ... ويقدّم الرشاوى ... فأخبرته بحرمة هذا ... وأنّ هذه دناءة وسفالة ... ولاحظت عليه أنّه موسوس كبير... فيقعد ساعة في الحمّام ومثلها في الوضوء ومثلها في الصلاة ...
فقلت : أنت تأخذ الدين بالمقلوب ... تتوسّوس في الطهارة والصلاة وتريّح نفسك في المعاملات والطهارة النفسية ...!! فترشي الدكاترة وتنافق الدكاترة وتعامل نفسك بمنتهى الخسّة والدناءة لأجل مصالحك وهذه الأفعال تطعن في أصل الإيمان وغايته ... وعند شكليات الديّن تتوسوس ... هل تعتقد أنّ هذا الدين دين محمّد ...!! هذا دينك أنت ودين شيطانك ... !! دين الفاسدين والجاهلين ...
وماذا نفعتني صلاتك وأنت ترتشي ...!! وفوق هذا الجهل .. جهل آخر ... فتعيد الوضوء عشر مرّات ... خوفا من الله حسب ظنّك ... ولا تعيد التفكير بالرشوة ولو لمرّة واحدة ... ما هذا هذا الجهل ...!!
فالوسوسة قد تكون لسبب نفسي أو لسبب شيطاني أو بسبب الجهل وقد تجتمع هذه الأمور وقد لا تجتمع ... ومشكلة الأمراض النفسيّة أنّها لا علاج لها ... وهذه من مصائب هذا الطب... فلا أعرف أحدا راجع طبيبا نفسيا وشُفي من أيّ مرض نفسي ... بل كل من شفاه الله تعالى من أمراضه النفسيّة كان بسبب تغيير سلوكه ...وسيطرته على نفسه ...
ولهذا رأى "فوندت" أنّ الأمراض النفسيّة أمراض سلوكية لا علاقة لها بالأعصاب أو الدماغ .... وما يظهر على النواقل العصبية من ضعف نقل السيالات لا يرجع لأمراض عضوية بل يرجع لأسباب سلوكيّة ...
فالعقل يحكم بأنّك إذا جلست على مقعد الحمّام وأفرغت مثانتك من البول ... وغسلت رأس القضيب أو مسحت ذكرك بأصابعك بلطف وغسلت التاج فقد برئت ذمّتك أمام الله... وهذه لا تأخذ أكثر من نصف دقيقة ..
لكن أن تقعد ساعة وأنت تعصر بقضيبك حتّى دمّرت خلاياه الحسّاسة وصيّرت المسكين إلى قطعة قماش لا شعور له أصلا ... ثمّ تشتكي بعد ذلك من سرعة القذف وضعف الشعور بالجنس بل وضعف الانتصاب ... فأنت يا حبيبي قاعد تلعن أبو جسدك بجهلك وأنت لا تدري ... ولا تكتفي بهذا ... بل تترك الوضوء ... ثمّ تُنزل لباسك مرّة أخرى وتعيد النظر إلى القضيب فترى شيئا قليلا من الماء قد رشح للخارج فتعيد التبول والغسل ...
وهكذا ... تضع نفسك في دوّامة جنونية لا حدّ لها ... وتبقى مشوّش الذهن جدّا طول النهار... وتسأل نفسك : هل قبل الله صلاتي ...؟؟ لا خوفا من فوت الخشوع ... بل خوفا من فوت قطرة بول من ذكرك ...!! أرأيت هذا الجنون الذي يعيشه هؤلاء ...ّّ ثمّ يسقطونه على الدين والإسلام ..!
العرب كانوا يمسحون قفاهم بالحجارة ... بالله عليك ... هذا الأثر الذي بقي على الدبر ألا ينزل إلى الإليتين بفعل العرق... ثمّ ينزل إلى الثياب ... وهذا أمر يقيني لا يجادل فيه إلاّ عتاة الفقهاء الذين يخالفون المحسوس ...
ومع هذا فما سمعنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فصّل للناس في هذا الأمر بأكثر من قوله : استجمر بثلاثة أحجار ...!! فأين نحن من هذا الفهم النبوي للدّين ...!!
طيّب ...فلنفرض أنّ هناك نجاسة أصابت بدنك رغما عنك ... فصلاتك صحيحة يا أخي ... لأنّك جاهل بوجودها أصلا ... ولو علمت بها لكانت صحيحة ومقبولة إن شاء الله ...لأنّ لها أحكام السلس .. فيكفي خروج شيء منك رغما عنك ولو لمرة واحدة حتّى تنطبق عليك أحكام السلس...
ولو صلّيت وعليك نجاسة وعلمت بوجودها ولم تزلها عنك ...فلم يُجمع الفقهاء على بطلانها ... بل ذهب كثير منهم إلى صحّتها لأنّ الطهارة ليست شرطا أو ركنا في الصلاة أصلا ... فصلاتك صحيحة ولكنّك آثم ... وهذا ما يحمل عليه عذاب القبر لمثل هؤلاء ... وهذا رأي كثير من الفقهاء ... فصلاتك مقبولة ... وهذا يريح قلب هؤلاء المرضى ... ولا بأس بأن نأخذ برأي هؤلاء الفقهاء في مثل هذه القضايا النفسية ...
الوسوسة ليست مرضا بحدّ ذاتها إذا كانت في موضعها الصحيح ... فقيام زوجك وأمّ أطفالك بالتأكّد من إغلاق جرّة الغاز جيّدا ... والتأكّد من إغلاق نوافذ بيتك وقفل الباب جيّدا ليلا ... فهذا أمر محمود ومرغوب ...
ومراجعتُ نفسك كلّ أسبوع مثلا ... فتراجع أفعالك وعلاقاتك مع الناس ... فتحجم عن المزاح مع فلان أو تعيد حساباتك مع فلان فهذا أمر ممدوح جدّا ...
وهذا كلّه في الأمور الدنيويّة فما بالك بالوسوسة في معاملتك مع الله ... فتحاسب نفسك على كلّ رياء يقع في قلبك وعلى تكبّرك على أولادك وأمّك وزوجك وأخيك وغير هؤلاء ... فهذه الوسوسة هي التقوى يا حبيبي ... لا تلك الوسوسة التي تشغل بالك في دبرك وقضيبك ... فهذه أفعال شيطانية وجهل وجنون ...
فالحل : أن تحكم نفسك يا حبيبي ... فإن لم تقدر على هذا فلن يعالجك كلّ أطبّاء النفس في العالم ... وستموت وأنت في عذاب وستلقى الله وهو غاضب عليك إن لم يغفر لك ويعفو عنك ...
يقول الدكتور محمد عبد الرحمن : كنت مصابا بالرهاب ... فأشعر بأنّي سأموت خوفا ورعبا في بعض المواقف ... وأخذت عشرات الأدوية ولم أشف من مرضي ... ومرّة ركبت طائرة من لبنان إلى دبي ... وفي الطريق أصابتني نوبة الرهاب ... ومعي الأدوية المهدّئة ... وكان يجلس إلى جانبي طفل صغير وكان مبسوطا فرحانا ... فاستحييت من نفسي وقلت : طفل صغير يسيطر على نفسه وأنا دكتور جامعة ومؤلّف كتب وعالم كبير ولا أقدر على السيطرة على نفسي ...؟؟
يقول : ومنذ عشر سنوات ... لم أصب برهاب واحد ... فقد كان الرهاب من عقلي ولم يكن بفعل بمرض نفسي أو شيطاني ...!! فافهم هذا جيّدا يا أيّها الموسوس ...
يقول "إي سي جرايلينج" في كتابه سيرة رسّل : أصاب رسّل وسواس الخيانة ... فقد خانه صاحبه – فتجنشتاين – الشهير ... بالرغم من الصحبة الطويلة ... ولم يكن أحد يعرف فتجنشتاين ... ولمّا أراد طباعة كتابه في البحوث المنطقية رفض أيّ ناشر طباعة كتابه لأنّه مغمور ومجهول للناس ... فجاء رسّل وطبع الكتاب على حسابه ...!!
ويقول : وكتاب فتجشتاين الذي كسّر الدنيا في المنطق ويعتبر دستور المناطقة في هذا العصر هو من تأليف رسّل أصلا وليس من تأليف فتجنشتاين لكنّ رسّل كان كريما جدّا ... فقد نسبه إلى فتجنشتاين كما نسب عمله الرياضي إلى هوايتهد ... ومع هذا تنكّر له فتجنشتاين وهجره ... وهجرته زوجه هيدرا أيضا ومن قبلها خانته زوجته الأولى مع صديقه ... وهكذا فهو في دوّامة خيانات متتالية ومتلاحقة ...
فأصيب بالوسوسة في تعامله مع الناس ... فهجر الناس وعاش منعزلا لوحده ... ثمّ عرف بعد هذا أنّه طيّب جدّا ... وأنّه لا يعرف حقيقة طبائع البشر ... فهذه الخيانات من سوء صنيعه وفعله لا بسبب الناس ... فانتبه لنفسه وصار يهتمّ بها كثيرا ... فاشتهر الرجل جدّا ... وتوالت تواليفه حتّى غطّى ذكره كلّ واحد في عصره وكاد أن ينسى ذكر صاحبه الخائن فتنجشتاين ...
المقصود : يا حبيبي ...مرضك أنت سببه ... فإمّا أن تدخل إلى الحمّام وتفرغ مثانتك وتغسل رأس قضيبك ثمّ تلبس ثيابك وتتوضّأ وتصلّي مثل البشر وتعتقد أنّ الله تعالى قد قبل صلاتك أو فلتحيا طول عمرك في هذا العذاب ... ولن تربح الآخرة أيضا .. لأنّ الله تعالى لم يبعث محمّدا صلّى الله عليه وسلّم لينشئ مرضى نفسيّين أمثالك ...!!