هل ينصح بضرب الأطفال في التربية ؟؟؟؟

 


إذا كان جوابك لا كما أتوقع ...فما هي أحسن الطرق في التعامل مع تصرّفاتهم التي ترفع الضغط ..؟؟ فلا أتخيّل تربية من دون ضرب أو خوف ...؟؟

الجواب :

حدّثني أحدهم  أنّ والده كان يضربه إلى حدّ الموت ... وخلع عنه قميصه فرأيتُ آثارا للتعذيب على جسده لا تزال لهذا اليوم ... !! ولكنّه قال :

كنتُ أنتقم من أبي ببراءة الأطفال ... فقلتُ له كيف ..؟؟

قال :

كنتُ أبصق في قهّوته وعصيره والشاي الذي يشربه والطعام وكلّ شيء يؤكل ويُشرب... فقد شرب من بصاقي مقدار لترين ...!! وكان هذا يُبرد قلبي ويُذهب غيظي ..!!

حادثة مضحكة ولكنّها مؤلمة جدّا ... كيف يقسو الوالد على ولده لدرجة أن يهون الأب على ابنه .. فيبصق في طعامه وشرابه ...!! 

أديب عالمي شهير... عند وفاة والده كتب كتابا عنوانه ( أبي أنا أكرهك ) ...!! هو أديب إيطاليا الأوّل... طفل صغير ... رقيق جميل ... مرهف الحسّ ... واسع الخيال ..!

والده جبّار ظالم ... قاسي القلب ... عنيف... برجوازي .. يحاول الطفل لفت أنظار أبيه ... يبكي ...تأتي أمّه لتسكته ... ولكنّه يأبى ... يواصل البكاء ... يريد أباه .. يأتي هذا الوالد الأحمق ... يفرح الطفل برؤية أبيه يدخل غرفته ...!!

يا للمفاجأة ... يضربه ضربا شديدا ... يعرّيه من ملابسه ... يُجلسه عاريا على شرفة البيت في منتصف الليل ... درجة الحرارة دون الصفر ...!!

أبي أنا أكرهك ... يصيح قلبه .. يكاد ينفلق فؤاده ...حزنا وكرها على أبيه ... تأتي أمّه تأخذه خلسة إلى غرفته .. تلبسه ... تغطيه .. تتركه وحده ..!!

يكبر الغلام ... قبيل البلوغ بقليل .. يطرده والده الظالم من بيته ... يقف الغلام في وسط الطريق ... وحده ... الليل حالك ...البرد يحطّم كلاكل صدره ...أين يذهب لا يدري ... يبكي الغلام بشدّة .. تصطكّ أسنانه من البرد.. من الخوف .. من غيظه .. ...!!

يأتي إليه كلب من كلاب الشوارع ... يدعوه للمبيت في بيته ... يرفض الغلام ... يدعوه إلى العشاء ...يرفض الغلام ... يغريه بالنقود... يرفض الغلام ... !!

فجأة... تترجّل سيّدة من سيّارتها الفارهة ..تمسح رأسه ... تحتضنه .. يصعد السيّارة ... دموعه على خدّه ... تأخذه إلى بيته .. يخرج والده الظالم ...يطرده من بيته ..!! يصيح الأحمق .. لا أريده ...لتنهشه كلاب الشوارع .. هذا غلام عاق ..!!

تأخذه المرأة إلى بيتها ... تلبسه .. تطعمه ... ينام في غرفتها ...على سريرها .. يغفو الغلام على صدر تلك المرأة الحنون ... !!

ما أروع صدرها ... إنّه الأمان ... ما أروع يدها ..إنّه الحنان ... ما أروع أناملها .. تمسّد شعري ... إنّه الدلال !!

يكبر الغلام ... في بيت ذئبة .. شيطانة ......يصير شابا ..جميلا ...وسيما ....هو أديب إيطاليا .. يموت والده الجبّار ...يرث ماله ... حقا... إنّه رجل ثري ... أخيرا مات أبي الظالم !!

يكتب كتابا ... بعنوان : أبي أنا أكرهك ..!! 

يرفض الزواج ... يرفض النساء ... هو كئيب ... حزين ..!! 

كتب قائلا:

أتدرون من أسوأ من أبي ...؟؟ 

تلك السيّدة . .. .. التي ربّتني ...!! أبي أنا أكرهك .. شكرا لك سيّدتي ... لكنّي أكرهك ...!! 

نعم ..الطفل يُخطئ ... ولكن ليس هكذا يكون العقاب ...!!

تعالوا نسمع كافكا ماذا يقول :

يرى كافكا أنّ عقاب الطفل أو مكافأته يجب أن تكون من جنس المشكلة الظرفية ..فمن الخطأ العظيم أن تعاقب أو تكافئ الطفل بشيء مادي أو معنوي يقع خارج الواقعة أو المشكلة أو الظرف المحيط بالطفل ..

فإذا أصاب الطفل في حلّ مسألة رياضية فكافئه بأن تعلّمه مسألة رياضية فيها بهاء وجمال .. وإذا أخطأ فكلّفه بحلّ مسألة رياضية صعبة ..!!

وهذه الطريقة تعوّد الطفل على تجاوز المشكلة بذاتها ولذاتها لا لشيء خارج عنها .. فمن الخطأ أن نخرج الطفل من الظرف المندمج به وتعويده على النظر لشيء لا يرتبط بالمشكلة ويقع خارج ذلك الظرف .

كنتُ أمشي في الشارع مع صديقي وزميلي في العمل قبل ثلاثة أشهر تقريبا...فجاء أحدهم وكان يلبس ملابس رياضية .. وعمره في نهاية الخمسينات أو في بداية الستين ولا توجد شعرة سوداء في رأسه ... وكان يحمل كيسا فيه فلافل وحمّص ...

سلّم علينا ... وعرّفه زميلي بي .. قائلا : هذا صديقي  ... 

فضحك ثمّ قال : قبل قليل أحد أقربائك قلع عين طالب في المدرسة ...!! وهو يدرّس معي في المدرسة ...!! وأوقعنا في مشكلة ولكن عادي ... فليقلع عينه المهمّ الأخلاق ...!!

فقلتُ له :

هل قلع عين طفل في المدرسة أمر مضحك ...!! هذا إجرام ...!! ويلكم من الله ...!! أليس القانون يمنع الضرب في المدارس ...؟؟

فقال : نعم القانون يمنع لكنّي أضرب ...!

فقلتُ : أين الأخلاق إذن ...؟؟ الأخلاق أن تتبع القانون وأنت قد خالفته ...!! فهل هذا الفعل يُعتبر قدوة للأطفال من قبل أستاذهم ...؟؟!!

ومن ثمّ : أنت ضربت الطفل لأنّه خالف القانون وأنت عينك قد خالفتَ القانون بضربك للأطفال فأنتم قد وقعتم في عين ما وقع به الطالب فتستحقّون العقاب سواء بسواء ...!!

قال : هذه الأمور تحدث .. المهم الأخلاق .. لا بدّ من الضرب لتعليم الأخلاق وإلاّ فسد الناس ...!!

قلتُ: ما شاء الله على هذا الجيل الذي نشأ تحت سياطكم وشبّ على أسلوبكم شيء يرفع الرأس ...!! جيل حرامية وسرسرية وسوكرجية وقطّاع طرق ...!!

قال : ولكن الله أمر بالضرب ونحن نطيعه .. والقانون إذا خالف الشرع قدّمنا الشرع ...!!

قلتُ: هذا كتاب الله أمامك وهذه سنّة النبي ّ صلّى الله عليه وسلّم بين يديك فهل تجد أنّه ضرب طفلا قط ...؟؟ وقد ربّى جيلا كاملا وكان عنده عشرات الأولاد فهل قرأتَ يوما أنّه ضرب ولدا ...!!

فقال : ممم ... ثمّ تفكّر ... فلم يجد آية واحدة ...!! فقال :

يقول الله تعالى ( إنّما بعثتُ لأتمّم مكارم الأخلاق ) ...!!

قلت : هذا حديث وليس آية وهو ضعيف ... ولا دلالة له على ما نحن فيه ...!! ما دخل هذا الحديث في الضرب ...؟؟

فقال : واضربوهنّ ... .. فقلتُ : إيش دخل هذه الآية في ضرب الأطفال ...؟؟

فقال : نعمّم معنى الآية ... قلتُ : نعم عمّم ولكن من شرط العموم أن يبقى داخلا في المفهوم ... فما دخل هذه الآية بضرب الأطفال ... ولو صحّ ما دخلك أنت كأستاذ بهذه الآية وهي نزلت في الأزواج ولو صحّ أنّها نزلت في الآباء على أولادهم فكيف صحّ عندك أنّ المعلّم يصحّ له ضرب الطفل ...؟؟!! 

فقال : سأضرب الأطفال ولن أستمع لقانون ولا لأي أحد .. الأخلاق أوّلا ...!!

فقلتُ : والله الذي لا إله غيره لو جاءني ابني وقد ضربه أحدكم لأكسرنّ يده وأمسكت بذراعه ...

فقال : ذهبتُ إلى مدرسة ولدي ( وقد أنجبته بعد عشرين سنة من الزواج ) وهو ولدي الوحيد وأمرتُ المعلّمين بضربه بشدّة إذا أخطأ فلماذا أغضب هم يريدون تأديبه ...؟؟ ما يجري على ولدي يجري على ولدك ...!!

ثمّ ذهب ... فقال وهو يمشي بعيدا ...

لو كان ولدك عندنا في المدرسة ورأيتُ منه تصرّفا غير لائق سأضربه مثله مثل ولدي تماما ...!! وإذا أردتَ أن تشكوني إلى المحكمة وتحبسني فافعل ... فإذا طابت نفسك بسجن معلّم ولدك فافعل ...!!

فقلتُ له : لا والله .. لن أشتكي للمحكمة أبدا ...!! فمثلي لا يشتكي على الناس .. لكن والله والله والله لآخذنّ حقّ ولدي منك بيدي هذه ... فأنا لا أشتكي ولكن آخذ حقّي بيدي ...وسأضربك في نفس المكان الذي ضربتَ فيه ولدي ...!!

فقال : هذا الحوار صار شديدا .. إذن ستأتي إليّ في المدرسة ونتعارك لأجل أنّي أردتُ إنشاء جيل صاحب خلق ...!!

فقلتُ : تعال وانظر إلى السوق وإلى الشوارع وإلى الثقافة وإلى هذا الجيل الذي يرفع الرأس .. فهذا الجيل تمّت صناعته في مصانعكم ...!! شيء مخز والله .. جيل فاسق وشرّير بسببكم ...!!

فقال : يبدو أنّنا لن نتّفق .... وأنت لستَ متزوّجا وليس عندك أولاد ولكن أتوقّع لو كان ولدك عندي في المدرسة أنّنا سنكسّر بعضنا يوما ما ... وضحك وقال : هذا حوار لطيف بيننا ولكن الأمر لا يستحق هذه العصبيّة ...!!

هذا  نموذج مصغّر نقلته لكم بأمانة وصدق يعبّرعن ثقافة وأسلوب وعلم أستاذ له من الخبرة في مجال التعليم أكثر من 30 سنة ...!! فهل تعجبون لهذا الجيل من الشباب الشرّير والفاسق ....!! ولهذه الأمّة الفاشلة ... نحن الشباب من ثمار هذه الشجرة ...!! 

ولم أقرأ لأحد من علماء النفس يدعو إلى ضرب الأولاد ... وهم يخالفون الفلاسفة الذين يرون ضرورة ضرب الأولاد للتربية ... والعجيب أنّ بعض هؤلاء الفلاسفة يدعو إلى زيادة مقدار الضرب عن الذنب ... فيجب أن تكون العقوبة أشدّ من الذنب ليشعر الولد بذلك الخطأ ويجتنبه في المستقبل وهذا ما دعا إليه جان لوك ...!!

وخالفه كانت ... فقد رأى ضرورة أن تكون العقوبة بمقدار الذنب لا أزيد ولا أنقص .. وتعجّب كيف لولد أن ينصلح حاله من دون ضرب ...!!

وخير هذه الآراء ما ذكره الرائع كافكا .. فقد ابتدع هذا الفليسوف طريقة عجيبة في التربية ...فقد رأى ضرورة معاقبة الولد إذا أخطأ بأن يعيد عين هذا الخطأ بالطريقة الصحيحة ... فإذا أحرق شيئا في المطبخ مثلا ... فيجب على الأمّ أن تجعله ينظّف المطبخ كاملا عقوبة له ... وإذا لم يذهب إلى المدرسة فعليه أن يمكث فيها وقتا مضاعفا وهكذا ...

ونظرية كافكا فيها شيء من التفصيل ... فهو قد بنى هذه الأفكار على بحوث أجراها على نفسيّة الطفل ... وظهر له أنّ الطفل يرى الكلّيات قبل الجزئيات ...

مثلا : هو يرى الوالد كاملا قبل أن يعرف أنّه عصبي المزاج أو أنّه يجب إطاعته .... يعني هو ينظر إلى عموم مفهوم الوالد ولا ينتبه للتفاصيل ...ولهذا يرى ضرورة إرجاع الولد إلى الحالة الطبيعية وهي إدراك الجزئيات أوّلا ...

ويلزم على كلام كافكا أن يدرك الطفل الجمل قبل الكلمات ... والتزم هذا .. وفرّق بين الإدراك والنطق ... فقد ينطق الطفل بالجزء وهو يريد الكل ...

وهذا ملحظ دقيق فعلا ... فالطفل عندما يحرق شيئا في المطبخ لا يدرك معنى النار إلاّ بأحوالها الكلّية وهي أنّها شيء حار وساخن ويتحرّك بأعجوبة وفق الهواء ... من دون أن يعرف تفاصيل هذا الكلّي ... 

ولهذا يجب على الوالدة إدراك عقليّة هؤلاء الأطفال ... فهم ينظرون إلى الأمور بعمومية كبيرة ... فكلّ رجل طيّب عندهم ... كحال والده ... والكلّ كذا عنده ... ولا يدري شيئا عمّا وراء مفهوم الرجل الكلّي الذي يعتبر والده علّة هذا القياس والجامع بين القضيتين ...

ولنترك كلام الفلاسفة ولنذهب إلى علماء النفس فهم أوفق حالا وأصوب رأيا في قضايا التربية ...

يرى فرويد أنّ الطفل ينطلق من دافعين ... دافع اللذّة ودافع الألم ... وهناك توازن بين هذين الدافعين ... فاللذّة تبقيه حيّا ... فهو يأكل ويشرب ويلهو بهذا الدافع ... ودافع الألم يبعد عنه المخاطر .. فهو يهرب من النار ويخاف من إيذاء نفسه ...

فلا ينبغي على الوالدة أن تقف حجر عثرة أمام تلك الدوافع ... فإنّ كثيرا من الأمراض النفسيّة تنشأ بسبب تلك الطاقات المكبوتة في داخل الطفل بسبب قسوة الوالد و الوالدة ...

فالحرّيّة مطلوبة للأطفال .... وينبغي توجيه الطفل بدل إيذائه ... وينبغي معاملته بناء على وجود دوافع محرّكة لا يمكن إيقافها...

فقد ذكر كبير أدباء إيطاليا أنّه سمع صوت والده وهو يفتح الباب في منتصف الليل ...فأغمض عينيه ليسمع صوت والده وهو يوقظه .. فلعلّه أحضر له شيئا من الحلويات ...

فيقول : فدخل والدي إلى غرفتي ... وأمسكني بعنف ... وربطني على الشرفة ونزع عنّي ملابسي ... وبقيت ساعة كاملة في البرد القارص ...!! ولا أدري لماذا فعل هذا ... فلم يخبرني عن ذلك الخطأ الذي فعلته...؟؟!!

فقد آذاني والدي جدّا .... يقول : أنا لا أحبّه ... ومات والده بعد دخوله للجامعة وورث منه أموالا طائلة ... وأوّل كتاب أدبي كتبه كان عنوانه ( أبي أنا أكرهك ) ...!!

كانت والدة سبينوزا أديبة مرموقة وشهيرة جدّا ... ولها صالون فخم ... فلمّا نبغ ابنها وطغت شهرته على شهرتها ... حاولت قتله مرّات كثيرة ...!!

يقول : ودفعتني أمّي عن الدرج فتكسّرت عظامي وبقيت أكثر من سنة أعاني من الكسور الشديدة في جسدي ... لم أكن سعيدا معها ... فهي أمّ قاسية وعنيدة ولا تملك شيئا من الحبّ ولو قليلا من حنان ...

وتركها سبينوزا وعاش في غرفة حقيرة في أحد الفنادق وكان يعيش على بعض الكتب التي كان يكتبها ... وكان يخاف من مخالطة الناس ويجتنب معاملتهم ...!! وهذا كلّه بفضل والدته ...

يقول برتراند رسّل : كان والدي عالما عظيما ... وكان له صالون فلسفي ... وكنت أحبّ الجلوس معه ... فقد كان يحدّثنا عن الدين والسياسة والفلسفة والرياضيات ... ولمّا مات ... للأسف ذهبتّ للعيش مع جدّي ... وكان كئيبا حزينا ... فقد كان مسيحيا عنيدا ... فكم شعرت بالملل في حضوره ... وكنت أخرج إلى الغابات وأجلس لوحدي يوما كاملا ... واشتغلت بالرياضيات لسدّ هذا الفراغ القاتل ... وقد أثّرت سيرة والدي في حياتي ... فقد كان أنيقا وجميلا وكريما وعالما ورجلا محترما جدّا ...ولم يضربني يوما ...

يقول العقّاد : لم أكن أحُبّ صلاة الفجر .. وخصوصا في الشتاء ... وكان والدي يعلّّق العصا فوق رأسي ... ويصيح لأجل الصلاة ... ويمسك بالعصا ... لكنّه ما ضربني يوما ...!! ويدعو له قائلا : رحمك الله يا والدي .. فقد علّمتني الحبّ وتقدير النفس ...!! 

هذا هو التعامل الصحيح مع الولد ... يجب أن يعيش في بيت مليء بالحب والألفة والسكينة ... فماذا تتوقّع أن يخرج الولد من بيت مليء بالخوف والقهر والصياح فوق رأسه في الليل والنهار ...!! أليس عجيبا أن لا يكون مريضا نفسيّا ...!! 

وكان ابن السكّيت جالسا مرّة مع هارون الرشيد .. فدخل الأمين والمأمون والمؤتمن أبناء هارون ... وكانوا يتصنّعون كمال الأدب والحكمة ووفرة العقل ...!!

فقال ابن السكّيت : يا أمير المؤمنين ... هذا تصنّع مذموم ... فمن أين للطفل الحكمة أو العقل ...؟؟ دعهم يلعبون ويلهون ويركضون ويصيحون ...!! 

المقصود : أنّ هناك دوافع غريزية للأطفال .. لا يمكن منعها ... ومن يخيف أولاده ليجعلهم رجالا في أبدان أطفال فقد جعل من نفس طفله بيئة صالحة لتكاثر جميع الأمراض النفسيّة والجسدية ...!!

فلا ينبغي للأمّ أن تكثر من التشكّي من أفعال أولادها ... فكأنّ نساءنا يردن نزع الفطرة من قلوب ونفوس الأطفال ...!! 

فعقل الطفل ونفسه مختلفان تماما عن عقول ونفوس الكبار ...ويجب الحرص والحذر جدّا من إرهاب الطفل وكبتّ طاقاته الدافعة على الحركة ...

فيكفي أن يشعر الولد بأنّ هناك خطأ قد حدث حتّى يدعوه والده إلى إصلاحه ... ولا بأس إن تكرّر ... فقد يكون الدافع قويّا ... والطاقة عالية ... وهذا أمر منتشر جدّا .. وخصوصا بعد تحسّن الجانب الغذائي للأطفال .

فلتكن عقوبة من غير ألم ... وعقوبة من غير خوف ...فإذا خاف الطفل من والديه فلتقرأ عليه السلام ولتودَّع رجولته ... ولتكن العقوبة عقوبة محبّ لا عقوبة متشفّ ومنتقم كحال كثير من النساء ... تفشّ غلّها في طفلها المسكين لأنّه كسر زجاجة ثمينة ... ولا تشعري طفلك بأنّك انتقمت منه لأجل شيء أيّ شيء كائنا ما كان ...

الخلاصة :

العقوبة ينبغي أن لاتكون بدنيّة أو نفسيّة ... بل ينبغي أن تكون من جنس العمل كما شرحنا عن كافكا وهذا ما يدعو إليه كثير من علماء النفس الذين لا يتكبّرون على علم الفلسفة .... وليكن البيت مملوءا بالحب والعاطفة ... ولتشعري الولد بأنّ هذا خطأ بأسلوب رقيق ولطيف ...

وإذا اضطررتم للضرب فليكن خفيفا لأجل التعبير عن عظم الفعل ... وليكن نادرا ... وكثرة الضرب يجعل من الولد غبيّا وبليدا ... وسينشأ في نفسه عقد النقص والخوف والفشل ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله ...وأكتفي بهذا والله أعلم .


تعليقات