1- كيف أربّي ولدي تربية نفسية صحيحة ... ؟؟
2- كيف أتحدّث معه في أمور الجنس ...؟؟
3- ما هو تأثير الضرب عليه ...؟؟
الجواب :
يبدأ الطفل بالتعرّف على جسده في مرحلة مبكّرة جدّا .. فبعض الأطبّاء يؤكّدون أنّ الطفل يبدأ بالبحث عن أطراف جسده في بداية الإدراك ... وقد يعي مبكّرا جدّا المناطق الجنسيّة في جسده ...
وتبدأ مرحلة الارتباك المعرفي عند الطفل ... بين ما يجب كشفه وما يجب ستره ... والحدود الفاصلة بين العيب والمباح ... فمن أكثر الأسباب التي تؤدّي إلى التشوّه الجنسي عند الطفل .. وفقدان هويته الجنسيّة هو عدم إدراكه لحقيقة تلك الأعضاء ...
وتبدأ تلك الأعضاء بالنشاط في بداية السابعة وقد يحصل نشاط عند السادسة أو الخامسة في بعض الأحيان حسب القدرات الإدراكية عند الطفل ...
وقد ثبت طبّيا أنّ نسبة ضياع الهويّة الجنسيّة تزيد أضعافا كثيرة في حالة فقدانه للموجّه التربوي ... وخصوصا إذا كان محاطا بغير جنسه ... فقد تنطبع الحالة الأنثوية في نفس الطفل وتؤدّي إلى ضياع هويته الذكورية ...أو العكس في الهوية الأنثوية...
فقد ذكر أحد الأطبّاء النفسيّين المصريّين ممّن له أبحاث محترمة في هذا المجال أنّ من أهمّ عوامل الضياع الجنسي لدى الأطفال من خلال خبرته الطويلة هو عدم قدرة الطفل على التفريق بين الطبيعة الذكورية والطبيعة الأنثوية في بداية إدراكه لتلك الأعضاء....ويزداد الأمر سوءا جهل الأمّ بالثقافة الجنسيّة والتربوية ...فقد ترى في طفلها اللطيف الذي يملؤ عليها البيت ..فتاة تساعدها في أعمال البيت وتملؤ جانبا مهمّا من شهوتها ناحية جنسها أي البنات ...
أحد الأبطال الكبار توفي ولده بالإيدز ... فذهب إلى طبيبه النفسي المعالج وسأله من أين جاءه الإيدز ...؟؟
فقال له الطبيب : ذكر لي ولدك أنّك لم تجلس معه إلاّ نادرا ... فأنت مشغول بنفسك وبأعمالك وبالجنود الذين تأمرهم فيطيعوك ... وأنّ زوجتك كانت تشتهي فتاة ولم تنجب غير الذكور فاعتبرت ابنك المسكين تلك الفتاة ... فكبر الولد من غير أب يرشده لمظاهر الرجولة ونشأ تحت رعاية أمّ ترى فيه فتاة أحلامها ... ففقد الطفل هويته الذكريّة ...فهو يعيش بأعضاء ذكرية وبطبيعة أنثوية ... !! فأنت من قتله بمساعدة زوجتك ...!!
ورأيت كثيرا من الآباء يطلقون شعور أطفالهم حتّى تتجاوز الأكتاف ... ويلبسونهم الأساور ... ويعاملونهم كمعاملة الفتيات تماما ... فكنت أقول لهم : من ناحية نفسيّة ابنك سيخرج شاذّا جنسيّا بنسبة 100%100 ...!! أو فاقدا لهويته الرجولية ... وإثمه عليك ...!!
ومشكلتنا الحقيقية في الثقافة العربية ... ثقافة مشوهّة تماما ... ومليئة بالتقيّة والنفاق ... فيكفي أن يسأل الطفل والده بعض الأسئلة الجنسيّة حتّى تبدأ فنون الجهل والغباء والحمق بالظهور لدى الأب ... فيبدأ ذلك الوالد الجاهل بتحريف السؤال وبزجر الطفل وبإهانته ... وقد يشوّه له المسألة برمّتها ...!!
ينبغي على الوالد تبسيط المعلومة للطفل لكن من غير تحريف ... وينبغي أن لا يخجل الأب من هذه الأسئلة ومن هذا الموضوع بالذات ... فليس فيه ما يخجل... ويا ويلي من جاهل يخجل من سؤال ولده كيف جاء إلى هذه الدنيا ...!!
فقد ذكرأحد الأطبّاء أنّ أحد الأطفال سأل والده كيف جاء إلى هذه الدنيا ...؟؟ فأجابه والده قائلا : لقد زرعنا بطّيخة تحت السرير فخرجت منها صباحا ...!!
وفي اليوم التالي تفاجأ ذلك الأب الأحمق بأربع بطّيخات تحت سرير طفله ...!! لأنّه يريد أربعة أخوة يلعب معهم ...!!
وقد وجدتُ أنّ غير المثقّفين وما أكثرهم وأغلب السلفيّين للأسف ينشرون الجهل والنفاق بين أبنائهم ... ويظهر أنّ هذا حال كثير من الشيعة أيضا ... وقد أضرّوا جدّا بمجتمعاتنا وزادوها سوءا ...فخرج هذا الجيل بخلفية معلوماتية باطنية لا يمكن كسرها أبدا ... فقد صارت من الضرورات في عقل أبنائهم ... فالشيعة كفّار والسنّة نواصب ملاعين وهذا أردني وذلك سوري وهذا مصري وذلك عراقي ... وتبدأ سلسلة من الضرورات المعرفية يحشيها ذلك المجرم الجاهل في عقل طفله المسكين ... بله حديثنا عن الثقافة الجنسيّة لدى الطفل فالحال لا يختلف كثيرا عن الجنون السابق ...ولا يدري خطورة موقفه المرتبك أمام طفل يصوغ المعاني ويبرمجها في عقله ...
في إحدى الدول بلغت نسبة الاغتصاب لحدّ ربع الأطفال ... وهم يقصدون بالاغتصاب المعنى العام للكلمة ... ويرجع المختصّون هذا إلى خجل الأب والأمّ من تحذير الطفل وتوعيته لتلك الأعضاء ...
فأين الخجل من تحذير طفلك من كشف عورته أمام أحد من الناس ...وأنّه لا ينبغي لأحد كائنا من كان أن يلمس تلك المناطق ... وأنّه لا ينبغي له أن يقلّد الفتيات .. لأنّ هناك فرقا بين الأعضاء الذكورية والأنثويّة ...والطبيعة الرجولية وطبيعة المرأة ...
يقول أحد كبار علماء النفس الأمريكيين ...
الرجل الأمريكي يسكر ويقيم العلاقات مع النساء ويخرج من البار ولا يشعر بأيّ انفصام شخصي ... وبعض العرب ممّن قابلتهم يسكرون ويزنون ثمّ يلعنون الثقافة الأمريكية التي تسمح بالشرب وبإقامة هذه العلاقات ... !!
أليس هذا تناقضا مفضوحا يُظهر أنّ نفسية العربي لم تنضج لتتحمّل نتائج أفعالها ... فالعربي يخجل من طرح المواضيع الجنسيّة على ولده الصغير ... ويشعر بارتباك عظيم عند طرح هذه الأسئلة ... هل الجنس عيب عند العرب ... فإن كان لا .. فلماذا هذا الانفصام الحادّ في الشخصيّة إذن ...؟
وهذه والله مصيبة عظيمة ... ينبغي على الأب أن يُجلس ولده في مجالسه وأن يُخرجه معه إلى بيوت أصحابه وأصدقائه ... ويجب على الوالد أن يتصدّق أمام ولده ... وأن يُري طفله أحسن الأخلاق ليتعلّم ولينشأ على أحسنها ...
فكيف سيتعلّم طفلك عادات الرجال وأنت تطرده من مجالسك ...؟؟!! وماذا سيتعلّم من أصدقائك وهم يجلسون في غرفة الضيوف يشربون الأرجيلة ويشاهدون الأفلام القبيحة على هواتفهم النقّالة ولا يسمع منك غير قبيح القول ولا يرى منك غير قبيح الفعل ...!!
يقول عبّاس العقّاد : رحم الله والدي فقد كان يأخذني معه إلى المجالس الأدبيّة الشهيرة ... وأسمع القصائد وأعي أحاديث السياسة والتاريخ ... فنشأتُ بفضل والدي على حبّ الأدب والسياسة والتاريخ ... فلولا تلك المجالس التي كنت أحضرها مع والدي ما كنت لأصير عبّاس العقّاد الذي كسر عقدة التعليم النظامي ...!!
والأمر هذه الأيّام على العكس تماما ... فقد صرنا ندعوا الآباء لعدم اصطحاب أبنائهم لمجالسهم الساقطة التي تعلّمهم الهمالة والفساد وقلّة الأخلاق ...!!
فنحن هذه الأيّام ... نعاني من أب ساقط = فاسد 1... فينجب لنا 10 أبناء أسقط منه = فاسد عدد 10.. وهكذا يتكاثر الساقطون والفاسدون بالتّعليم... والوراثة ...حتّى يأذن الله بهلاك جيل كامل فاسد ... فقد يصعب على المصلحين إصلاح مجتمع كامل إذا انتشر الفساد وعمّ ...فيأذن الله بهلاك آلاف من الناس ... عبرة وعظة لعلّ من بقي يتوب ويرجع إليه ولا حول ولا قوّة إلاّ بالله ...
بعض الآباء والأمّهات لا ينتبهون لطبائع أبنائهم ... فيفرضون نظاما صارما يعمّ جميع الأطفال في البيت ... فلا يمايزون بين نفسيّات أطفالهم ... ويظنّون أنّ ولادة الأطفال في نفس البيت ولنفس الوالدين يلزم منه تساوي الجميع في الطبيعة النفسيّة وهذا خطأ كبير جدّا ...
فبعض الأطفال لا يتقبّل فرض القوانين عليه ... ويرفض تلك الوصاية الواجبة .... ويبدأ الأب والأمّ بفرض تلك الوصاية رغما عنه ..... ويتفنّنون في كسر فطرة الله التي فطر ذلك الطفل عليها ... ويشوّهون تلك النفسيّة الرائعة التي جبل عليها ...
فبعض الأطفال معتدّ بنفسه جدّا ... ويتمسّك بشدّة برأيه ... ويعتبر حرّية فعله من أركان شخصيّته .... ويكره الصَغار أمام أحد حتّى والديه ... فله شخصيّة قيادية ظاهرة ... ونفس متميّزة جدّا ... فيحرص كلّ الحرص على عدم الخضوع لأيّ قانون يُفرض عليه بالقوّة ... ويخضع للقانون بالإقناع والرفق واللين ...
وهذا الصنف كثير جدّا في هذا الوقت ... وهو الصنف الشائع في أوربا ...وهو حالة صحّية جدّا ... وأمر ملفت لعناية الوالدين ... والحرص على عدم تغيير تلك النفسيّة الرائعة ...
وللأسف كلّ من يسألني عن عناد بعض أبنائهم وتمرّدهم على القوانين المفروضة يشعرون بأنّ أطفالهم يُعانون من مرض نفسي خطير ... فيصعب عليهم التعامل مع هذا الولد ...
والأمر اليقيني أنّ العنف والضرب الذي يلجأ إليه كثير من الجهّال يزيد الولد عنادا وتصميما على مخالفة الوالدين ... فضلا عن قتل نفسيّته التي خلقه الله عليها ... ونكون في أمر طبيعي يظنّه الأب أو الأمّ مرضا ونصير إلى أمراض نفسيّة خطيرة جدّا بسبب جهل الوالدين ...
فمن الخطأ معاملة جميع الأولاد بنفس المعاملة ...بل ينبغي على الأمّ أن تفرّق بين طبائع أولادها .... فالولد العنيد مثلا له معاملة خاصّة وأسلوب مختلف تماما عن أسلوب العنف والضرب والتهديد وفرض العقوبات ... فهذا سيضرّ بنفسيّته ضررا عظيما ...وسيزيد من عناده ... وقد ينعزل عن البيت كلّه ... فينشأ الرهاب الاجتماعي والاكتئاب والوسوسة والخوف والابتهاج والثنائيات وغير هذا من أمراض العزلة الكثيرة والقاتلة ...
فليعلم الآباء أنّ الاختلاف بين طبائع أطفالهم أشدّ وأعظم من الاختلاف بين أشكال وأجساد أطفالهم ... فكما أنّه لا ذنب للولد بشكله وطوله ولونه ... فكذلك لا ذنب له في طبيعته النفسيّة التي خلقه الله عليها ...
فقد يكون بعض أولادك سهلا مطيعا ... وقد يكون بعضهم عنيفا غضوبا صعبا ... فمعاملة العنيف الغضوب لا تتلاءم مع معاملة السهل المنقاد ...
فلكلّ طفل معاملة خاصّة به ... تتلاءم مع نفسيّته وتتوافق معها ... فالولد العنيد لا ينبغي معاندته ومقاومته فأنت الخاسرة في هذه الحرب سيّدتي ... بل ينبغي عليك متابعته بطرق لا تتعلّق بالوصاية الأبوية أوبالحقوق الواجبة....
والطفل السهل المنقاد لا ينبغي معاقبته أبدا ... بل ينبغي ملاطفته دائما ... وفتح طرق للتفاهم معه لا تتعلّق بالإرهاب أو بالخوف أوبالعقوبة ...
بقي علينا أن نجيب عن سؤالين مهمّين :
1- كيف أعرف طبائع أبنائي ...؟؟
ببساطة ... عليك أن تراقبي تصرّفاتهم وردود أفعالهم تجاه أوامرك ... وهذا أمر سهل للغاية ... فكلّ أمّ تعرف طبيعة أولادها ... فنراها تقول لصديقاتها : الصغير لطيف ومطيع والكبير عنيد وعنيف ... والأوسط هادئ ساكن وديع ...
وللأسف ..... بعد هذا التوصيف الدقيق لنفسيّات أولادها ... نرى أنّ الأمّ تعامل جميع أبنائها بنفس المعاملة ... مع علمها بالتمايز الشديد بين نفسيّات أطفالها ... وهذا جهل عظيم جدّا ... فلكلّ طبيعة قوانين تحكمها ... وسنن تجري على بعضها ما لا يصحّ أن تجري على بعضها الآخر ...
2- كيف أعرف المعاملة الصحيحة لكلّ طفل ...؟؟
ببساطة شديدة ... لا تعاندي الولد ... ولا تفرضي شخصيّتك عليه ... واجعلي معاملتك لكلّ طفل من جنس طبيعته... بما يلائمها ويريحها ويحقّق للولد مصلحته الكبرى ويحقّق لك سيّدتي مصلحتك الصغرى ...
فكثير من الأمّهات تحبّ وتريد السيطرة على أبنائها ... وعلى زوجها إن قدرت .. وعلى أقرباء زوجها ... وعلى جيران أقرباء زوجها ... وهذا خطأ وجهل ... فأولادك سيّدتي ليسوا جنودا في معكسر للجيش وأنت الضابط المسوؤل ...!! هذا جهل عظيم ... هذا بيت فيه عدد من النفوس ولكلّ نفس طبيعة مختلفة عن طبيعة النفس الأخرى ....!!
مثلا ..
الولد العنيد لا يُعاند أبدا ... وينبغي أن نتصرّف معه بناء على أنّ عناده جزء صحّي من شخصيّته التي خلقها الله تعالى ... ولتبق المعاملة بالحسنى مهما عاندك ... ولا تجبريه على فعل شيء لا يرغبه ... وعليك بمعاملته بأسلوب الرجل الكبير العنيد ... لا بأسلوب الطفل الخاضع لك والواقع تحت وصايتك .. والقابع في غياهب سجنك...
وعليك بأسلوب البيان والشرح لتلك القوانين الواجب اتّباعها ... وبيان أسباب وجوب ذلك الفعل عليه ... وأنّ هذا لأجل مصلحته ... وجب أن يُحاط بالحب والعاطفة ... وأن لا يُعاقب على عناده .
باختصار شديد يجب أن تعلمي أنّك تعاملي رجلا راشدا لا سلطة لك عليه ...!! وليس لك عليه من سلطة غير سلطة الإقناع والملاطفة في أخذ ما تريدينه منه ...!! وسترين كيف سيلتزم بالقوانين لوحده ... مع حفظه لكبريائه ولاعتداده الشديد بنفسه ...
أمّا الولد السهل فلا ينغبي أن تزيد الأوامر المرسلة إليه عن الحدّ الوسط وإلاّ صارت طبيعته السهلة طبيعة جبانة وتبعية لأيّ أحد ... فتزول وتذوب شخصيّته بالكليّة ... فينبغي الموازنة الصحيحة بين كلّ طبيعة خُلق عليها الولد وبين المعاملة التي تناسبه ... والله أعلم .