لماذا لا تتزوج؟
أرسلت إليّ فتاة تسألني عن سبب امتناعي عن الزواج ؟؟!!
قلت :وماذا أفعل ؟؟
كلّما أعجبتني فتاة حال القدر بيننا ؟؟!!
آخر فتاة أحببتها اسمها لينا ؟؟!!
أعجبني جمالها ،
فتحيّنت الفرصة لأعرض نفسي عليها ، علّها تقبلني زوجا ،
وابتدأتُ قصّتي مع لينا :
يا لينا ، حدّثيني عن أهلك ،
قالت : والدي شاعر حسّاس ، يصحو
قبيل صلاة الفجر ، يدعو الله تعالى، ويغدو للمسجد ، ويرجع سريعا ليخرج العصافير إلى
نوافذ وشرفات البيت ، ويطعم الدجاج ، ويفتح أقفاص الحمام ، ويصنع فنجان قهوة ، يشربه
على مهل ، تحت زقزقة عصافيره الذهبيّة، يناظر بهاء الشمس وقت طلوعها،
قلت : ما شاء الله ، شيء لطيف
، وماذا يعمل أبوك ؟؟
قالت : يبيع الخمرة في السوق ؟!!
قلت : حقا ؟؟!!
قالت : نعم ، أنت عريسي ولن أكذب عليك بكلمة ،
قلت : وماذا عن أمّك ؟؟
قالت : تبيع المخدرّات للنساء في البيوت ؟؟!!
قلت : أأنت جادّة يا لينا ؟؟!!
قالت : إي وربي ؟؟!!
قلت : وأخوك ؟؟
قالت : لصّ محترف ، يقطع الدروب ، ويغزو البيوت ..!!
قلت : تبّا ، هذا بسبب الخمرة أمّ الخبائث التي يبيعها أبوك، فلا بدّ أنّ
والدك أصل البلاء ، ومعدن السوء؟؟!!
قالت : قد ظلمت والدي العزيز ، هو طيّب ، لولا بعض خصال قد أفسدته ،
قلت : وما هذه الخصال يا ضي ؟؟!!
قالت : أوّلها : كثرة الطلاق ؟؟!!
يطلّق أمّي مائة مرّة في اليوم ، ؟؟!!
حتّى إنّه قد غضب منّي مرّة ، فطلّقني أنا أيضا ؟؟!!
ضحكت ، وقلت لها : ظريف يا لينا ؟؟!! أوّل مرّة أسمع عن أب يطلّق ابنته
؟؟
قالت : بل هناك أعجب من ذا ؟؟
قلت : هات هذا العجب ؟؟ فما أظرف حديثك يا لينا ؟؟!!
قالت : قبل بضعة أيّام تعارك أبي مع بيت الجيران ، فطلّقهم ثلاثا ..!!
قلت : طلّق بيت الجيران .؟!!
والله هذه عجيبة ؟؟ّ
هذه الخصلة الأولى ، فإليّ بالثانية ،
قالت : الانفصام في الشخصيّة .؟؟!!
قلت : كيف يعني ؟؟
قالت : سأضرب لك هذا المثل علّك تفهم مرض والدي:
لو دعي أبي إلى برنامج الاتّجاه المعاكس ،لرأيته يقوم بجميع أدوار البرنامج
، فعنده قدرة على القيام بدور المؤيد والمعارض ودور فيصل القاسم في وقت واحد ، فأبي :
معاك معاك ،عليك عليك ، ؟؟!!
يعني باختصار : أبي يؤيد ويعارض ويحايد في وقت واحد ؟؟!!
قلت : عجيب والدك هذا ،
قالت : وأحسن خصاله وأكثرها شهرة بين الناس كرمه ؟؟
قلت : أها ، قد وجدنا شيئا حسنا في أبيك ، فحدثيني عن كرمه ؟؟
قالت : يقلي بيضة واحدة لجميع البيت ، ويحرم علينا الاقتراب من صفارها
، أو الحوم حول بياضها ، ؟؟!!
قلت : يا ويلي ؟؟ فماذا كنتم تأكلون ؟؟
قالت : بقايا الزيت على أطراف البيضة ؟؟!!
قلت : اتركيني من والدك هذا ، فقد أغثت سيرته نفسي ، وتعالي حدثيني عن
أخيك يا لينا ، لعلّه أحسن من أبيك ؟؟
قالت: اسمه: زيد ، والناس يدعونه أحمد ، وهو ينادي أبي : عمّي أبو شادي
؟؟!!
قلت : ما هذا يا لينا ؟؟؟ أتضحكين علي ؟؟ ألأنّي أسايرك بالحديث ، صرت
تقصّين علي ؟؟!!
قالت : لا والله ، لكن هذه هي الحقيقة ؟؟
قلت :كيف اسمه زيد ، والناس ينادونه أحمد ، ويقول لأبيك : عمّي أبو شادي
؟؟!!
قالت : سأخبرك الخبر ،
أمّي لمّا أنجبت أخي زيدا ، أصيبت بالتفوئيد ، فأخذ أبي أخي زيدا إلى بيت
عمّتي ، فلم يعجبها اسم زيد ، فغيّرته لأحمد ، وعاش عندها حتّى البلوغ ، إذ قد اشتدّ
المرض بأمّي لسنتين ، ولم ترض عمّتي إرجاع أخي لأمّي بعد شفائها ، ولم يعد أحد يناديه
باسمه الحقيقي زيد ، وصاروا ينادونه أحمد ؟؟!!
قلت : وماذا عن عمّي أبو شادي ؟؟!!
قالت : عمّتي عندها ولد اسمه شادي ، من سنّ أخي زيد، فأخذته أمّي جكارة
بعمّتي ، وصار الناس ينادون أمّي : أمّ شادي ، ولأنّ أخي زيدا لا يعرف أبي على الحقيقة
، لأنّه قد تربّى في بيت عمّتي ، فكان يناديه : عمّي أبو شادي ؟؟!!
قلت : يا ضي ، ما هذه الخربطة واللخبطة ، ؟؟!!
قالت : ماذا أفعل هذه هي عائلتي ؟؟!!
قلت : وماذا عنك يا حبّة القلب ؟؟ حدّثيني عنك يا نور العين؟؟!!
قالت : بكلّ تواضع ، أنا طبّاخة ماهرة ، أصنع من الجبنة البيضاء أشكالا
وألوانا ، شيّا وقليا وسلقا ، أصنع منها المثلّثات والمربّعات والمخمّسات ،وجميع الأشكال
الهندسيّة ، لا يعجزني شكل مهما كانت منحنياته وزواياه الحادّة والمنفرجة ،
وإن لم تصدّقني ،فجرّبني ،
أترى ثمرة الطماطم التي بيد ذلك الطفل ؟؟
لو شئت أن أصنع منها ربّ الطماطم ما أعجزني قسوتها وخضرتها، ولو أردت أن
أصنع منها الكاتشب فأسهل شيء علي ، ولو أردتُ أن أصنع منها عصيرا مع الليمون لصنعت
منها عجبا ، أمّا عن قلاّية الطماطم فلا تسل ، وكذا الشكشوكة مع البيض والبقدونس فأمرها
عجب ، لا أصنعها إلاّ بقلاّية ألمنيوم قد أتى عليها الزمن ، وبهدلها آخر بهدلة ، عامدة
متعمّدة ،
أمّا عن تقطيع البطّيخ والشمّام فأمر فوق الخيال ، لا تدري أهو سحر أم
حقيقة ،
قلت : وماذا عن أمور البيت ؟؟
قالت : أستيقظ قبل الفجر بساعة ، أبدأ بتنظيف النوافذ ، أزيل ما علق عليها
من ذباب وبعوض وهسهس وغبار ، ثمّ أمسح البيت كلّه ، أبدأ من عتبة الباب ، وأنتهي ببالوعة
الحمّام،
قلت : دعي عنك أمر الكنس والطبخ والنفخ ، وحدّثيني عن أخلاقك ، وأخصّ صفاتك
؟؟
قالت : لا أسامح أبدا ، من لا يعجبني : فقرص الأذنين ، وضرب اليدين ، وتكسير
الرجلين ، واللطم على الخدّين ، ونتف الشعر مع الحاجبين ، ؟؟!!
قلت : يا ويلي ، أتتكلّمين بجدّ ؟؟
قالت : إي والله ،
قلت : وما حكتمك في الحياة ؟؟
قالت : هذا هو الموجود ، من أعجبه فأهلا وسهلا ، ومن لم يعجبه فالباب يفوّت
جمل ؟؟!!
قلت : ولنفرض أنّنا أنجبنا ولدا ، وسمّيناه قمرا ، وأخطأ قمر ، فكيف السبيل
لتقويمه ؟؟!!
قالت : أحرّق مؤخّرته بسيخ حديد يشتعل نارا ،
قلت : ولنفرض أنّك قد حرّقت مؤخرة المسكين ولم يرتدع ؟؟
قالت : أقطع عضوه الذكري ؟؟!!
فجفّ ريقي من شدّة الخوف، واصفرّ لوني ، وأصبت بلعية نفس، يا ويلي ، إذا
كانت ستحرّق قفا ولدها بالنار ، وتقطع ذكره إذا أخطأ ، وهو الطفل الذي لم يدرك ، ولا يؤاخذ ، فماذا ستفعل
بي إذا أخطأت؟؟!!
قلت : آخر سؤال يا لينا ، ماذا ستفعلين بي إذا أخطأت ، أو قصّرت ، أو خنت ؟؟
فاحمرّ وجهها، وتوقّفت شفتاها ، وصارت عيناها تبرقان وترعدان ،
فقلت في نفسي : سلّم يا رب ، أعوذ بالله من غضب الله ، سلاما من ربّ رحيم..!!
عياذا بالله ، ..!!
قلت : سأحضر لك علبة كوكاكولا ، ولمّا غبت عن ناظريها ، هربت مثل القطّ
المذعور ، لا ألوي على شيء ،
وقد حدّثتكم عن آخر قصّة حبّ وقعت فيها ، ثمّ يأتيني أحد الرايقين ، واضعا
يديه في جيبه ، يتمايل قائلا : لماذا لا تتزوّج ؟؟!!
حسبي من كلام النساء ما سمعته من لينا ؟؟!!
والحمد لله على سلامتي ،